الجمعة، 22 أبريل 2022

السينما الموريتانية: مخرجون عالميون وإنتاج متواضع

 



محمد الحبيب

«عفاريت»

ظل الموريتانيون لقرون طويلة معزولين في صحرائهم الممتدة الشاسعة، يتناقلون الروايات والقصص شفاهة بالسرد المنثور أو بالشعر الذي برع فيه الشناقطة كثيراً، وقد لعب دوراً محورياً في تصوير الاحداث ونقلها من جيل إلى آخر، وعندما دخل المستعمر الفرنسي مع بداية القرن العشرين أدخل معه وسائله الحديثة لنقل المعلومات والأحداث كآلات التصوير والتسجيل المسموع والمرئي، فكانت بالنسبة للكثيرين «سحراً» أو «عفاريت» أو شيئاً ما من صنع القوى الخفية المبهمة.

وفي مطلع الخمسينيات وبينما كانت قصص هذه الآلات العجيبة تنتشر بين الموريتانيين قام الفرنسيون بتسيير بعثات رحّالة تجوب الأرياف حاملة شاشات عرض سينمائية لإطلاع أبناء المجتمع البدوي على وسائل التكنولوجيا الحديثة ودمجهم في حياة العصر، وبما أن هذه الشاشات بشخوصها المتحركة الناطقة ظهرت فجأة دون ممهدات ثقافية ومعرفية، أطلق الموريتانيون عليها «سيارة العفاريت»، وهي تسمية تبدو متناغمة إلى حد بعيد مع الموروث الثقافي السائد، وهكذا بدأت السينما في موريتانيا غريبة مخيفة لتنتهي أداة طيعة في أيدي مخرجين مميزين من هذا المجتمع الذي صنفها يوما «كعفريت».

رواد

في الواقع ساهمت «سيارة العفاريت» بشكل لا يستهان به في تعريف الموريتانيين بحقيقة السينما، وأحدث سحر الصورة الذي حملته الشاشات المتنقلة عبر الأرياف والمدن الموريتانية المنعزلة، وشيئا فشيئا تشكل جمهور محدود يمتلك ثقافة سينمائية في المدن الرئيسية خاصة في نواكشوط العاصمة، وقد حفز ذلك التطور المستثمر الفرنسي غوميز الذي وصل إلى موريتانيا في مطلع الستينيات، فجلب معه شاشة عرض كبيرة وافتتح أول صالة للسينما في موريتانيا،الى ان دخل رجل الأعمال الموريتاني همام فال.

ويقول المخرج سالم دندو معلقاً: بدأ الرجل نشاطه بافتتاح قاعة المنى المشهورة بالافلام الهندية و الاجنبية . وفي ما بعد، أسّس سينما «الجُوّاد»، ثم استمر في إنشاء المزيد من القاعات حتى وصل عددها إلى 11 قاعة في نواكشوط والمدن الداخلية.وعلى إثر ذلك لُقب همام فال «بملك السينما الموريتانية».

بدأت دور العرض السينمائي في موريتانيا بالانحسار مع بداية التسعينيات وذلك حين دخلت في منافسة قوية مع الشاشة الصغيرة»التلفزيون«. ويقول المخرج الموريتاني دوندو ل «البيان» في نواكشوط معلقاً على هذه النقطة» صحيح أن ظهور التلفزيون وأجهزة الكومبيوتر والهواتف الذكية ساهمت في اختفاء دور العرض السينمائي، ولكن لم يحدث الأمر نفسه في بلدان اخرى حيث لا تزال دور العرض موجودة وتقدم الفرجة لروادها «.

وفي نقلة جديدة للسينما الموريتانية اسس المخرج عبد الرحمن ولد احمد سالم «دار السينمائيين الموريتانيين«التي أسسها في العام 2002 م،وقامت الدار منذ نشأتها بمحاولات لا بأس بها لإنعاش صناعة السينما في موريتانيا، أبرزها مهرجان»الأسبوع الوطني للفيلم«، إضافة إلى ذلك تنظم الدار ما يعرف بالشاشة الرحالة«التي تنقل السينما إلى الأرياف والبوادي النائية

مواهب

برزت مواهب عدد من عشاق هذا الفن لتقهر التحديات ومن أبرزهم: محمد هندو وأتحفنا بالعديد من أفلامه المتميزة ، منها »جولة في المنابع، 1967«. و»أيتها الشمس، 1969«. و»كل مكان ولا مكان، 1969«، و»العرب والزنوج أو جيرانكم، 1973«.. وغيرها. أما المخرج سيدني سوخنا،فأخرج أفلاماً رائعة، نذكر منها فيلم»الجنسيات المهاجرة، 1975«الذي نال عنه جائزة لجنة التحكيم في فيسباكو سنة 1977 وكذلك فيلم»سافرانا، 1978«.

ونختم بالظاهرة ونجم الإخراج السينمائي العالمي عبد الرحمن سيساغو، الذي ينتمي للجيل الحديث من المخرجين الموريتانيين الذي ابهر العالم بأفلامه الرائعة التي مكنته من الحصول على أفضل الجوائز، ومن اشهرها»الحياة على الأرض، 1998«و»في انتظار السعادة، 2002«، و»بامكو، 2006«أما أبرز أفلامه فهو فيلم»تيمبكتو، 2014 ).

وقد اختير الفيلم ليتنافس على جائزة السعفة الذهبية في المنافسة الرئيسية لمهرجان كان السينمائي، كما رُشح الفيلم لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية في حفل توزيع جوائز الأوسكار السابع والثمانين. كذلك فاز الفيلم في الحفلة 40 من جائزة سيزار بجائزة أفضل فيلم وكذلك أفضل مخرج.


https://www.albayan.ae/five-senses/mirrors/2017-10-07-1.3061006


السينما الموريتانية... حلم التشكّل

 

حين لم يجد الموريتانيون تفسيراً لشريط الصور المتحرّكة أمامهم على شاشة العرض، لجؤوا إلى تفسيرات ماورائية فأطلقوا على تلك السيارات التي تعرض لهم هذه الأفلام تسمية "عربات الجان".

دار العرض الوحيدة المتبقية في العاصمة الموريتانية نواكشوط (الصورة للمخرج عبد الرحمن أحمد السالم)

تتداخل الرؤى المشكِّلة للحلم السينمائي الموريتاني بين التاريخي والأنثروبولوجي لتؤسّس في الأخير بوادر تشكُّل سينما موريتانية تدافع عن الهوية الوطنية وترسم لنفسها واقعاً بين ثقافات الأمم. بدأ ذلك الحلم في التشكُّل منذ نهاية الأربعينيات، حين شاهد الموريتانيون للمرة الأولى شاشة عرض سينمائي في حيّزهم الصحراوي المعزول عن العالم.

يتذكّر السينمائي عبد الرحمن أحمد سالم تلك المرحلة، "الأفلام التي كانت تعرضها الهيئات العسكرية الأجنبية الحاضرة في موريتانيا، والتي بدأت وفق المؤرّخ محمد سعيد ولد همدي، رحمه الله، في الأربعينيات مع القاعدة العسكرية في شمال موريتانيا، كانت أفلاماً للسكان المحليين، على قلتهم آنذاك، وكانت أولى الأفلام التي تُعرض في موريتانيا".

وتابع أحمد سالم أنه لاحقاً إبان الفتة الاستعمارية الفرنسية "كان الفرنسيون يعرضون أفلاماً تمجّد حضارتهم في مختلف مناطق الوطن".

أما المخرج الموريتاني سيد محمد الشيكر فيقول إن "ارهاصات تشكّل الحلم السينمائي في موريتانيا بدأت في نهاية الستينيات مع أعمال المخرج محمد هندو وسيدي سخنا، وتواصل الحلم في التشكّل مع جيل سيساكو وولد أحمد مسكه".

 

 

"عربات الجان"

 

حين لم يجد الموريتانيون تفسيراً لشريط الصور المتحركة أمامهم على شاشة العرض، لجؤوا إلى تفسيرات ماورائية فأطلقوا على تلك السيارات التي تعرض لهم هذه الأفلام تسمية "عربات الجان".

وتمكن بعض الشباب الموريتاني قبيل الاستقلال بسنوات، من دراسة السينما في فرنسا. ووفق ولد أحمد سالم "كان السينمائي محمد هندو (1939 - 2019(أول موريتاني يدرس المسرح والسينما. كان ذلك في مدينة الأنوار باريس، وتحديداً في العام 1959. الفتى المتحمّس لشغف الفن السابع هندو، ألهم العديد من الشباب الموريتانيين بعد ذلك، لاكتشاف هذا الفن من جيل الستينيات، أمثال سيدي سخنا وغيره الذين بدأوا يدرسون السينما".

بُعيد استقلال البلاد في العام 1960، أرسلت الدولة الموريتانية بعثات لدراسة التصوير على الرغم من أن التلفزيون حينها لم يكن موجوداً، إلا أنه كانت توجد

كاميرات سينمائية تصوّر الأحداث السياسية وتعرضها قبل فيلم السهرة في دار السينما الوحيدة حينها، والتي كانت تابعة للدولة، ومقرها مكان البرلمان الحالي.

تتالت الأمور سريعاً وتشكّلت الهيئة الوطنية للسينما، لتتحوّل لاحقاً إلى الأداة الوطنية للسينما والتلفزيون، وظهر التلفزيون وبدأ جمهور ثقافة الصورة يتّسع في أرض المليون شاعر.

وعرفت العاصمة الفتية نواكشوط حينها، قاعات عرض سينمائية لمستثمرين فرنسيين، راق لهم الاستثمار في هذا الوافد الجديد على المجتمع.

وبدأت العروض باستجلاب أفلام من السنغال، ومن ثم دخل موريتانيون في مجال استثمار عروض الأفلام من بينهم همام فال، وديدي ولد اسويدي. في الثمانينيات، بدأ الجيل الثاني بدراسة السينما، من بينهم المخرج الموريتاني العالمي عبد الرحمن سيساكو الذي درس السينما في أوكرانيا وعاد إلى فرنسا وأسس شركة إنتاج باسم "شنقيطي فيلم".

 

 

في انتظار السعادة

 

انتبه العالم إلى السينما الموريتانية المقبلة من أعماق الصحراء، حين حصد فيلم للمخرج الموريتاني الكبير عبد الرحمن سيساكو جوائز عدة في مهرجانات سينمائية معروفة. وحصل فيلم "في انتظار السعادة" لسيساكو على جوائز عدة في تظاهرات

ومهرجانات سينمائية كان أولها اختياره في مهرجان "كان" السينمائي الشهير لجائزة "نظرة ما". كما حصل على الجائزة الأولى لمهرجان السينما العربية لأفضل شريط طويل، الذي نظّمه معهد العالم العربي في أكتوبر (تشرين الأول) 2004.

ويُعتبر الفيلم "توليفة درامية" تحاكي سيرة المخرج الذي هو مؤلفه ومخرجه. أُنتِج الفيلم في العام 2002 وتدور قصته حول شخصية رئيسة واحدة، هي طالِب جامعي عاد إلى منزله في نواذيبو شمال موريتانيا فإذا به يتفاجأ من مشاهد الحياة اليومية في قارة أفريقيا، فضلاً عن الثقافات العربية المُغايرة تماماً لما عليه الوضع في الغرب.

ونجد تداخلاً كبيراً بين بنية نص رواية موسم الهجرة إلى الشمال للسوداني الطيب الصالح، مع قصة فيلم "في انتظار السعادة". ويصف المخرج ولد الشيكر، سينما سيساكو بـ "الشعر"، فهو بالنسبة إليه يكتب شعراً من خلال السينما.

 

آفاق واعدة

 

استطاع المخرجان عبد الرحمن سيساكو ومساعده في فيلم "في انتظار السعادة" عبد الرحمن أحمد سالم وآخرون، إنشاء مدرسة لتعلم الشباب مبادئ السينما، وأطلقوا على هذه المبادرة "دار السينمائيين".

هذه الدار لعبت دوراً كبيراً في خلق بيئة سينمائية في العاصمة، وكوّنت عشرات الشباب الذين خلقت لهم الدار مهرجاناً سنوياً تتبارى فيه أفلامهم.

ومع انفتاح الفضاء السمعي البصري في موريتانيا، تولى هؤلاء الشباب إخراج العديد من البرامج التلفزيونية في هذه القنوات.

أما الشاب سيد محمد ولد الشيكر أحد رواد السينما في موريتانيا، فبعد تخرجه من دراسة السينما في تونس، عاد إلى وطنه ليكوِّن شباباً عملوا معه في أفلامه، كان آخرها فيلمه "المتطرّف" الذي آثار جدلاً في موريتانيا قبل سنوات، حيث تطرق إلى موضوع الشباب الذين يتخرجون من الكتاتيب (مدارس لتعليم الصغار حفظ القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة) ليلتحقوا بالجماعات المسلحة.

 

دار سينما واحدة

 

بلغ في عقد الثمانينيات عدد دور العرض أكثر من 12 في العاصمة وحدها، إلا أن هذا العدد تراجع إلى دار واحدة، عبارة عن شاشة كبيرة منصوبة في ساحة التنوّع الثقافي.

تعود أسباب تناقص دور السينما، إلى ثقافة المجتمع التي تحوّلت في الثمانينيات إلى ثقافة رافضة كلّ ما هو غربيّ، وتعزّزت مع سيطرة التلفزيونات على اهتمامات المتابعين.

وعلى الرغم من حلم السينمائيين الموريتانيين بوصول فنهم إلى العالمية، يقف عدم تجاوب الدولة مع صنّاع السينما حجرَ عثرةٍ أمام تحقيق ذلك. ويقول الدكتور أحمد مولود أيده الهلال، رئيس مهرجان نواكشوط للفيلم إن "إسهام وزارة الثقافة الموريتانية في مرجانهم لا يتعدّى الـ 3000 دولار أميركي، في حين كانت تساعد أكثر في دورات سابقة". ويضيف الهلال أن مهرجان نواكشوط للفيلم "هو الشكل الوحيد الذي بقيَ للسينما في هذا البلد".

وتبقى آمال السينمائيين الموريتانيين مشروعةً في اكتشاف العالم إنتاج مبدعيها في مجال الفنّ السابع، في عالم لم تعد الجغرافيا قادرةً على إقصاء الإبداع.


https://www.independentarabia.com/node/11476/%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A3%D8%B6%D9%88%D8%A7%D8%A1/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%91%D9%84


 

  • ولد بيروك: النظرة السلبية للمجتمع سببت ضعف السينما والفن التشكيلي

نواكشوط ـ الراية  ـ محمد عبد الرحمن:
ظهر فن السينما لأول مرة في موريتانيا في أواخر عهد الاستعمار، عندما أدخل الفرنسيون أجهزة عرض محمولة في سيارات لاستعراض انتصاراتهم في الحرب العالمية الثانية، قبل أن يفتتح الفرنسي “غوميز” عدداً من دور العرض السينمائي في موريتانيا في خمسينيات القرن الماضي، ورأى البعض في تلك الصور المتحركة ضرباً من “ظلال الجن”، وارتبطت السينما في أذهان كثير من سكان البلاد بالمستعمر ما جعل الأوساط الدينية والثقافية ـ التي كانت تقود مقاومة ثقافية مستميتة ضد المستعمر – تستهدف السينما استهدافاً قوياً بوصفها مجرد أداة استعمارية لنشر الخلاعة والمجون بين شباب المسلمين”.

لم تتغير كثيراً تلك النظرة السلبية لعامة الموريتانيين عن السينما منذ ذلك الوقت، وهو العامل الأبرز في تعثر هذا الفن، كما يقول مختصون، ومع تزايد الوعي بدور الفن السابع وأهميته ظهرت مبادرات لتطوير السينما والنهوض بها، وكان من أبرز تلك المؤسسات التي سعت للنهوض بالسينما الموريتانية وإخراجها من ركودها الطويل، مؤسسة دار السينمائيين وقد أسسها المخرج عبد الرحمن ولد أحمد سالم الذي مارس العمل الصحفي والمسرحي لفترة قبل أن يحترف الإخراج السينمائي، فالتحق بالمدرسة الدولية للسمعيات البصرية والإخراج بالعاصمة الفرنسية باريس، قبل أن يعود إلى موريتانيا ويؤسس “دار السينمائيين” سنة 2001.

دار السينمائيين.. جهود ونواقص
الراية ضمن استقصائها لأوضاع السينما وجهود تطويرها والصعوبات التي تواجهها، زارت دار السينمائيين الواقعة وسط نواكشوط – على بعد أمتار قليلة من مبنى وزارة الثقافة الموريتانية – وهناك التقينا بالمخرج عبد الرحمن ولد أحمد سالم مؤسس الدار ومديرها العام، حيث تحدث لنا عن السينما الموريتانية بشكل عام وعن تجربة مؤسسته بشكل خاص، وقال: “إن دار السينمائيين هي مؤسسة ثقافية تهتم بمجالين اثنين هما مجال التكوين الموجّه لغير المهنيين في المجال السينمائي والمجال الثاني هو بث الإنتاج السينمائي الهادف”. وأضاف ” لقد تأسست هذه الدار في ظروف خاصة حيث لم تعد في موريتانيا دور للعرض أو إدارة للسينما وحين غابت الثقافة السينمائية في هذا البلد، وفي وقت يصف فيه الموريتانيون فن المسرح والسينما بالفنون سيئة السمعة، وحيث لا توجد سياسة رسمية لتطوير هذا الفن”.

وحول الجهود التي بذلتها الدار لتحقيق تلك الأهداف قال المخرج ولد أحمد سالم: “سعت دار السينمائيين منذ تأسيسها إلى حفظ ما تستطيع حفظه من التراث الموريتاني من خلال توثيق مختلف محطاته بالصوت والصورة، ذلك ما يعكف على تنفيذه مركز حفظ التراث السمعي البصري لموريتانيا “كناش” التابع لدار السينمائيين، الذي يحفظ ما مضى للحاضرين ويدون ما يجري لأجيال المستقبل، وتنظم دار السينمائيين مهرجاناً عالمياً كل سنة هو مهرجان “الأسبوع الوطني للفيلم” ويستضيف المهرجان مخرجين من مختلف أرجاء المعمورة وتعيش العاصمة نواكشوط على وقع الحدث أسبوعاً من الاحتفاء بالسينما والسينمائيين موريتانيين كانوا أم أفارقة أم عربا أم عالميين ، ونحن الآن نحضر للدورة السابعة منه في أكتوبر المقبل، ويقدم هذا المهرجان محصلة سنوية لعمل دار السينمائيين ويتضمن عادة أفلام للتعريف ببلدان أخرى لأنه من بين أهدافنا التقريب بين الثقافات المختلفة والتعايش والتقارب بين الشعوب، ويتم استغلال الساحات العمومية في كبريات المدن لتنظيم عروض سينمائية منتظمة لأفلام لا تتاح للموريتانيين فرصة مشاهدتها على الفضائيات، وكذلك من خلال قافلة سينمائية هي “الشاشة الرحالة” التي تجوب طول البلاد وعرضها لعرض أفلام للبدو الرحل وقاطني الأرياف البعيدة، والذين ربما لم يشاهدوا في حياتهم صورة متحركة، وفضلاً عن ذلك تعمل دار السينمائيين أيضاً في الإنتاج السمعي البصري في مجال السينما سواء على المستوى المحلي أو إنتاج مشترك مع بلدان عربية كالجزائر وتونس والسعودية، وأوروبية مثل النرويج وفرنسا وإيطاليا وذلك من أجل التبادل الثقافي والاستفادة من التجارب المتقدمة لهذه الدول واستفادتهم هم أيضاً من ثقافتنا”.

وحول برامج مؤسسته ومشاريعها المستقبلية يضيف ولد أحمد سالم: “إن دار السينمائيين تسعى لإيجاد ثقافة سينمائية في موريتانيا، وذلك من خلال مجموعة من البرامج ترتكز على مجالات التكوين من أجل إيجاد كادر بشري لتوسيع القاعدة، بواسطة تنظيم دورات تكوينية وورش تدريبية عامة حول الصناعة السينمائية بشكل عام، أو متخصصة كورشات قي الكاميرا أو المونتاج أو الكتابة السينمائية يشرف عليها متخصصون موريتانيون وأجانب. ثم البث وذلك بتوفير بديل لدور العرض التي اختفت بالتركيز على عرض أفلام ملتزمة تحمل أفكاراً، وتسمو بأذهان الجمهور، إضافة إلى أفلام أخرى تحسيسية وتوجيهية وتثقيفية، ونعمل الآن على إنجاز واحد من أهم مشاريعنا وهو تأسيس معهد للتكوين السمعي البصري وهو مطلب ملحٍ في موريتانيا خصوصاً مع الظهور المتوقع للإعلام السمعي البصري وسأشارك قريباً في مدينة “ورززات” بالمغرب في ملتقى تشارك فيه أكثر من عشرين مدرسة سينمائية وهو مهرجان يقام كل سنتين وسنوقع اتفاقية هناك مع معهد ورززات السينمائي لدعم هذه المدرسة التي نطمح لإنشائها خصوصاً في مجال توفير مدرسين لهذا المعهد”.

وعن علاقة دار السينمائيين بوزارة الثقافة الموريتانية وهل يتلقون دعماً منها، قال ولد أحمد سالم: نحن كما ترون نجاور وزارة الثقافة ويصدق فينا قول الشاعر:

فجاورتها أرجو السلو بقربها فأصبح حالي جاور الماء تعطش.
وتابع قائلاً: “على كل حال علاقتنا بها هي علاقة الأبناء بأمهم ولسنا متأكدين من وجود نية مبيتة لدى الوزارة لعدم دعمنا كسينمائيين، ولا نريد أن نكون دائماً في موقع النقد للقطاع ولكن لدينا إحساس أن قطاع الثقافة لم يستوعب بعد أهمية السينما، فنحن في بلد لا تتوفر فيه مصانع الصورة الكبرى، ولكنه بلد غني بثقافاته المتعددة وأشخاصه وبمناظره الطبيعية وكان ينبغي أن يوظف كل هذا الثراء في خدمة السينما والثقافة بشكل عام فالقطاع لا يتوفر على مختصين في مجال السينما ولديه مشاغله الآنية”.

وختم مدير دار السينمائيين الموريتانيين حديثه لـ الراية بقوله: “أود من خلال صحيفة الراية الغراء أن أوجه دعوة للتواصل الثقافي مع هذه المنطقة من العالم العربي فلدينا اهتمامات ثقافية مشتركة وهناك بعض المشاريع الثقافية التي يمكن أن تبني بشكل مشترك بيننا خصوصا في مجال السينما وأوجه الدعوة إلي كل القائمين على الفن السينمائي في منطقة الخليج للتواصل مع موريتانيا فكلنا بحاجة إلى الآخر ويمكن أن يكمل الآخر، والمسألة ليست مسألة دعم مادي بقدر ما هي مسألة تعاطٍ ثقافي وتقارب وتبادل لصالح الجميع”.

ومن جانبه اعتبر مدير الثقافة والفنون بوزارة الثقافة الموريتانية محمد عدنان ولد بيروك أن “السينما لم تكن من الفنون المعروفة قديماً لدى المجتمع الموريتاني ومع تزايد الاهتمام بمشاهدة الإنتاج الدرامي لم يكن هناك إنتاج محلي للأفلام رغم ما يتضمنه ذلك من فوائد ثقافية واجتماعية للتعريف بالبلاد”.


صحيح أنه كانت هناك مبادرات في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، لكنها اصطدمت بواقع الفيديو الجديد وواقع التليفزيون وتلاشت تلك الجهود مع الأسف”، ويضيف ولد بيروك في تصريح لـ الراية أن عدة هيئات مهتمة بهذا الفن أنشئت في السنوات الأخيرة من بينها دار السينمائيين والوكالة الموريتانية للسينما والتجمع السينمائي الموريتاني الممثل لاتحاد سينمائيي غرب إفريقيا ولعبت هذه الهيئات أدواراً متفاوتة في النهوض بهذا الفن.
وفيما يخص دعم وزارة الثقافة لفن السينما، قال ولد بيروك: “الوزارة لم تبخل في دعم هذه الجهود وإن كنا لسنا راضين عن مستوى هذا الدعم مثلهم، وقد يكون ذلك نتيجة للأرضية غير الخصبة لهذا الفن، مع أن هناك شباباً أصبحوا يظهرون كمخرجين، ونحن كوزارة لدينا استعداد تام لدعم السينما في موريتانيا وقد سبق أن دعمنا دورات الأسبوع السينمائي الموريتاني لكن المشكلة تبقى هي النقص الملحوظ في اهتمام المجتمع الموريتاني بالسينما ونفس الشيء يعاني منه الفن التشكيلي في بلادنا، ومع ذلك نحن نفتح الباب لدعم أي مبادرة لتطوير هذا الفن ونقدم منحاً للدراسة والتكوين لبعض الشباب في هذا المجال، لكنهم غالبا ما يغيرون مسارهم بعد فترة إلى مجالات أخرى نتيجة لأن النظرة لهذه الفنون لا تشجع كثيراً منهم، ولذلك لم يتطور هذا الفن عندنا مقارنة مع فنون أخرى كالشعر والموسيقى”. وهذا هو ما قد يفسر لنا إحجام الجهات الرسمية عن ضخ الكثير من الأموال في هذا القطاع دون نتيجة مضمونة مع أنه لدينا مخرجون كبار لهم حضورهم المعروف لدى الجميع.

الموريتانيات في الحلبة.. رغم الضغط والتهديد!
ولفت انتباه العديد من الموريتانيين قبل أسابيع أن فتاة موريتانية كسرت القيود الاجتماعية واختارت العمل في مجال السينما والتمثيل حين شاركت في مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية بمصر بفيلم موريتاني بعنوان: “مشاعر أخرى”.

المخرجة والممثلة لالة بنت كابر، أكدت أنها واجهت صعوبات كثيرة بسبب عملها في السينما، لأن المجتمع الموريتانى لا يرحب بعمل المرأة، ووصلت تلك الضغوط لدرجة تلقيها تهديداً بالقتل، وعبّرت في فيلمها القصير “مشاعر أخرى”، الذي شاركت به في مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية ، عما وصفته بـ” الكبت الذي تتعرض له المراهقات في بلادها.”

وأشارت بنت كابر إلى أن أهلها رفضوا في البداية دخولها مجال العمل الفني، لكن أمام إصرارها رضخوا للأمر، موضحة أن الإعلام الرسمى الموريتاني لا يعرض الأفلام التي تنتقد الأوضاع الاجتماعية الصعبة في البلاد، وقالت إن “المجتمع الموريتاني ليس مجتمعاً مغلقاً، لكنه يعتمد على المظاهر، وربما تقبل بعض العائلات عمل بناتها في التمثيل، لكن دون أن يظهرن على شاشة التليفزيون.”

تراجع وإحباط
وأغلقت آخر صالات العرض السينمائية أبوابها في نواكشوط، منذ منتصف تسعينيات القرن المنصرم، بعض انشغال جمهور روادها المحدود أصلاً بما أحدثته ثورة الاتصالات الجديدة من انتشار للفضائيات التلفزيونية والإنترنت وانتشار محلات الفيديو في الأحياء الشعبية التي تعرض نفس الأفلام التي تعرضها القاعات بأسعار زهيدة لتستهوي بعض شباب الأحياء الفقيرة وأطفال الشوارع وبعض المنحرفين وهي الفئات التي ارتبطت مع السينما عند غالبية المجتمع الموريتاني المحافظ الذي وقف من الفن السابع موقف شك وريبة، منذ أن افتتح الفرنسي “غوميز” دوراً للعرض السينمائي في موريتانيا في خمسينيات القرن الماضي، فقد كان الفرنسي “غوميز” أول من افتتح صالة عرض سينمائية بموريتانيا، وحظيت دور عرضه بإقبال طبقة المثقفين الموريتانيين المتواجدين أساساً حينذاك في عاصمتهم الفتية نواكشوط في وقت لم يكن يلتقط في موريتانيا أي بث تليفزيوني.

وفي وقت لاحق من الستينيات دخل على الخط شاعر شعبي ورجل أعمال معروف كانت له شهرته في عهد الرئيس الأول لموريتانيا المختار ولد داداه، هذا الموريتاني هو همّام أفال، الذي اشتري أعمال الفرنسي “غوميز” وآلت إلى ملكيته دور العرض السينمائية في البلاد والتي بلغ عددها في العاصمة نواكشوط 15 داراً، كان همام أفال أول موريتاني يفكر في الإنتاج السينمائي، فأنتج أفلاماً منها: ميمونة، وبدوي في الحضر، وتيرجيت.

ويقول بعض متتبعي تاريخ السينما الموريتانية إنه بوفاة همّام أفال، دخل هذا الفن مرحلة سبات عميق عصفت بدور العرض واحدة تلو الأخرى.. حيث تأسس التليفزيون الموريتاني الذي جذب انتباه جمهور السينما كما بدأت الأفلام المعروضة تنجرف في موجة السينما التجارية المعتمدة على الإثارة والإغراء، فحصل نوع من الصدام بين السينما وعلماء الدين لتختفي صالات السينما تدريجياً.

وعرفت موريتانيا مخرجين سينمائيين بارزين أمثال سيدينا سوخنا ومحمد ولد السالك ومحمد ميد هندو الذي يعتبر من أمهر المخرجين الموريتانيين، وقد هاجر إلى فرنسا مبكراً وأنتج هناك عدداً من الأفلام عالجت في أغلبها مواضيع الهجرة والعنصرية والتمييز، ومشاكل القارة الإفريقية.. وقد اختار هذا المخرج الإقامة في العاصمة الفرنسية، ليعمل مدبلجاً لصوت النجم الأمريكي “أدي ميرفي”.

أما المخرج سيدنا سوخنا، فقد غادر هو الآخر إلى فرنسا في نفس الفترة وأخرج بعض الأعمال السينمائية المهمة هناك ليعود إلي موريتانيا ويتفرغ للعمل الحكومي والسياسي، ويتقلد عدة مناصب دبلوماسية، وحقائب وزارية ثم ينتخب نائباً في البرلمان الموريتاني الحالي.

ومن أبرز المخرجين الموريتانيين بعد ذلك، عبد الرحمن سيساغو، الذي تلقى تكوينه السينمائي في الاتحاد السوفييتي ونال الكثير من الأوسمة الدولية في هذا الفن وفاز بأكبر الألقاب في الكثير من التظاهرات السينمائية، ومن ذلك حصوله سنة 2005 على الجائزة الأولى في مهرجان فيسباكو السينمائي، الذي ينظم كل عامين في عاصمة بوركينا فاسو “وغادوغو”، وذلك عن فيلمه “في انتظار السعادة”، كما فاز نفس الفيلم بجائزة الجمهور في مهرجان “كان” الفرنسي، هذا فضلاً عن عشرات الجوائز والتكريمات في عديد المهرجانات الكبيرة، كما تم اختيار سيساغو في لجنة تحكيم مهرجان “كان” الذائع الصيت نسخة 2007 ليكون بذلك أول إفريقي ينال هذا الشرف، كما توج بعد ذلك بوسام فارس في الثقافة والفنون في نظام الاستحقاق الفرنسي، كما تم توشيحه في موريتانيا بوسام “فارس في نظام الاستحقاق الوطني”.

ويشغل المخرج السينمائي الموريتاني سيساغو الآن منصب مستشار للرئيس الموريتاني مكلفاً بالشؤون الثقافية.


https://www.raya.com/2013/01/26/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d9%86%d9%85%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%aa%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%aa%d8%b9%d8%ab%d8%b1/


السينما الموريتانية: شاشةٌ من إسمنت

 على خلاف كثيرٍ من البلدان العربية، انطلق الإنتاج السينمائي في موريتانيا متأخّراً وظلّ يسير ببطء شديد. ساهمت في ذلك ثقافة الشفاهة التي شكّلت سدّاً منيعاً في وجه ثقافة الصورة، وأيضاً، نظرة الارتياب التي ترى في الفن السابع "وسيلة لتسويق أنماط ثقافية دخيلة على المجتمع".

يُضاف إلى ذلك غياب بنية تحتية في مجال السينما؛ فالعاصمة نواكشوط التي كانت تضمّ أكثر من 15 قاعة عرض في السبعينيات والثمانينيات، لم تعد تتوفّر، اليوم، على أيّة واحدة منها، شأنُها في ذلك شأن بقيّة المدن الداخلية.


يُحمّل المخرج السينمائي، عبد الرحمن أحمد سالم، الدولة مسؤولية هذا الوضع، قائلاً إنها رفعت يدها تماماً عن مجال السينما، ومذكّراً بإيقاف "إدارة السينما" في وزارة الإعلام وإلغاء مادة التعليم الفني من المناهج التعليمية.

رأي تسانده المخرجة الشابّة لالة كابر التي ترى أن إغلاق دور العرض وتوقّف الدعم والاهتمام الرسمي بالسينما، طيلة عقدين، أدّى إلى تغييب كامل لثقافة الصورة في البلاد، لدرجة أن كثيرين باتوا يخلطون بين المسرح والسينما.

غياب قاعات العرض دفع العديد من السينمائيين إلى إيجاد بدائل أخرى، مثل الساحات العمومية؛ على غرار "ساحة فضاء التنوع البيئي والثقافي"، وسط العاصمة، والتي شيّدوا فيها جداراً واتّخذوه شاشةً لعرض أعمالهم، وسرعان ما استقطبت "الشاشة الإسمنتية" جمهوراً.

يقول السينمائي الطالب ولد سيدي، إن اللجوء إلى الشارع كان الخيار الوحيد في ظلّ انعدام القاعات، مضيفاً أن "العرض خارج القاعة، وسط محيط طبيعي، له نكهة خاصّة، وأصبح متنفّساً لكثير من سكّان نواكشوط".

لم يمنع هذا الجو الخانق من بروز سينمائيين يحاولون تجاوز الأمر الواقع وتقديم تجارب جادّة، من بينهم المخرج عبد الرحمان سيساكو الذي حقّق فيلمه "تمبكتو" نجاحاً لافتاً وحاز عدّة جوائز عالمية ورُشّح للأوسكار. صحيحٌ أن سيساكو راكم تجاربه في فرنسا وليس في بلده الأم، لكن من المؤكّد أن الخبرات المهاجرة بمقدورها أن ترفد الصناعة السينمائية.

نذكر أيضاً الممثّل والمخرج سالم دندو الذي يخوض تجربة إنجاز أوّل فيلم طويل بإمكانات محلية، ومن دون الاستعانة بالتمويل أو الطواقم الفنية الأجنبية.

ووسط هذا المناخ، ظهرت العديد من المبادرات الساعية إلى النهوض بالسينما وإيجاد موطئ قدم لها في المشهد الموريتاني، من دون انتظار تدخّل حكومي لإنقاذ الوضع. من بين تلك المبادرات، "مهرجان نواكشوط الدولي للفيلم القصير"، الذي يشهد عرض أفلام موريتانية وعربية وأجنبية، وإقامة ورشات تدريبية، بهدف تقريب الشباب من السينما وتشجيع محبّيها على ممارستها.

المهرجان تنظّمه، منذ عشر سنوات، "دار السينمائيين الموريتانيين" التي أسّسها المخرج والمسرحي الموريتاني عبد الرحمن أحمد سالم سنة 2002، ويهدف إلى نشر ثقافة الصورة في البلاد، من خلال عروضها في الساحات العمومية عبر شاشات متنقّلة، ونشاط أعضائها، وغالبيتهم من الشباب المتطوّعين، لمحو الصورة النمطية للموريتانيين عن السينما.

يقول مدير المهرجان، محمد ولد إدوم، إن دورة هذه السنة، والتي ستنطلق في 23 تشرين الأوّل/ أكتوبر المقبل وتستمرّ أسبوعاً، ستشهد تنظيم عدد من الورشات التدريبية لفائدة عشرات الشباب، لتعريفهم بأساسيات فنون تصوير الفيديو والمونتاج والإخراج السينمائيين، إضافة إلى ورشات حول صناعة الأفلام الوثائقية وإدارة الممثل وكتابة السيناريو.

يؤكّد ولد إدوم أن الساحة السينمائية في موريتانيا تحتاج إلى بثّ نفَس جديد، مبدياً أمله في الأجيال الجديدة لتشكيل "جيل سينمائي يعي رسالة الفن السابع ويهتم بإيصال أحلامه ورسائله من خلال الصورة"، مضيفاً أن المشاركين في الورشات سيعيشون جوّاً سينمائياً يمهّد لهم الطريق إلى إخراج السينما الموريتانية من غيبوبتها.


https://www.alaraby.co.uk/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B4%D8%A7%D8%B4%D8%A9%D9%8C-%D9%85%D9%86-%D8%A5%D8%B3%D9%85%D9%86%D8%AA


السينما الموريتانية: الماضي والحاضر

 على خلاف كثيرٍ من البلدان العربية، انطلق الإنتاج السينمائي في موريتانيا متأخّراً وظلّ يسير ببطء شديد. ساهمت في ذلك ثقافة الشفاهة التي شكّلت سدّاً منيعاً في وجه ثقافة الصورة، وأيضاً، نظرة الارتياب التي ترى في الفن السابع "وسيلة لتسويق أنماط ثقافية دخيلة على المجتمع".

يُضاف إلى ذلك غياب بنية تحتية في مجال السينما؛ فالعاصمة نواكشوط التي كانت تضمّ أكثر من 15 قاعة عرض في السبعينيات والثمانينيات، لم تعد تتوفّر، اليوم، على أيّة واحدة منها، شأنُها في ذلك شأن بقيّة المدن الداخلية.
يُحمّل المخرج السينمائي، عبد الرحمن أحمد سالم، الدولة مسؤولية هذا الوضع، قائلاً إنها رفعت يدها تماماً عن مجال السينما، ومذكّراً بإيقاف "إدارة السينما" في وزارة الإعلام وإلغاء مادة التعليم الفني من المناهج التعليمية.

رأي تسانده المخرجة الشابّة لالة كابر التي ترى أن إغلاق دور العرض وتوقّف الدعم والاهتمام الرسمي بالسينما، طيلة عقدين، أدّى إلى تغييب كامل لثقافة الصورة في البلاد، لدرجة أن كثيرين باتوا يخلطون بين المسرح والسينما.
"
تسعى دار السينمائيين الموريتانيين إلى محو الصورة النمطية عن السينما
"
غياب قاعات العرض دفع العديد من السينمائيين إلى إيجاد بدائل أخرى، مثل الساحات العمومية؛ على غرار "ساحة فضاء التنوع البيئي والثقافي"، وسط العاصمة، والتي شيّدوا فيها جداراً واتّخذوه شاشةً لعرض أعمالهم، وسرعان ما استقطبت "الشاشة الإسمنتية" جمهوراً.

يقول السينمائي الطالب ولد سيدي، إن اللجوء إلى الشارع كان الخيار الوحيد في ظلّ انعدام القاعات، مضيفاً أن "العرض خارج القاعة، وسط محيط طبيعي، له نكهة خاصّة، وأصبح متنفّساً لكثير من سكّان نواكشوط".

لم يمنع هذا الجو الخانق من بروز سينمائيين يحاولون تجاوز الأمر الواقع وتقديم تجارب جادّة، من بينهم المخرج عبد الرحمان سيساكو الذي حقّق فيلمه "تمبكتو" نجاحاً لافتاً وحاز عدّة جوائز عالمية ورُشّح للأوسكار. صحيحٌ أن سيساكو راكم تجاربه في فرنسا وليس في بلده الأم، لكن من المؤكّد أن الخبرات المهاجرة بمقدورها أن ترفد الصناعة السينمائية.
نذكر أيضاً الممثّل والمخرج سالم دندو الذي يخوض تجربة إنجاز أوّل فيلم طويل بإمكانات محلية، ومن دون الاستعانة بالتمويل أو الطواقم الفنية الأجنبية.

ووسط هذا المناخ، ظهرت العديد من المبادرات الساعية إلى النهوض بالسينما وإيجاد موطئ قدم لها في المشهد الموريتاني، من دون انتظار تدخّل حكومي لإنقاذ الوضع. من بين تلك المبادرات، "مهرجان نواكشوط الدولي للفيلم القصير"، الذي يشهد عرض أفلام موريتانية وعربية وأجنبية، وإقامة ورشات تدريبية، بهدف تقريب الشباب من السينما وتشجيع محبّيها على ممارستها.

المهرجان تنظّمه، منذ عشر سنوات، "دار السينمائيين الموريتانيين" التي أسّسها المخرج والمسرحي الموريتاني عبد الرحمن أحمد سالم سنة 2002، ويهدف إلى نشر ثقافة الصورة في البلاد، من خلال عروضها في الساحات العمومية عبر شاشات متنقّلة، ونشاط أعضائها، وغالبيتهم من الشباب المتطوّعين، لمحو الصورة النمطية للموريتانيين عن السينما.
يقول مدير المهرجان، محمد ولد إدوم، إن دورة هذه السنة، والتي ستنطلق في 23 تشرين الأوّل/ أكتوبر المقبل وتستمرّ أسبوعاً، ستشهد تنظيم عدد من الورشات التدريبية لفائدة عشرات الشباب، لتعريفهم بأساسيات فنون تصوير الفيديو والمونتاج والإخراج السينمائيين، إضافة إلى ورشات حول صناعة الأفلام الوثائقية وإدارة الممثل وكتابة السيناريو.
يؤكّد ولد إدوم أن الساحة السينمائية في موريتانيا تحتاج إلى بثّ نفَس جديد، مبدياً أمله في الأجيال الجديدة لتشكيل "جيل سينمائي يعي رسالة الفن السابع ويهتم بإيصال أحلامه ورسائله من خلال الصورة"، مضيفاً أن المشاركين في الورشات سيعيشون جوّاً سينمائياً يمهّد لهم الطريق إلى إخراج السينما الموريتانية من غيبوبتها.

المختار محمد يحيى


http://chinguitty.net/article55.html


هل تَخرج السينما في موريتانيا من غربتها الثانية؟

 أحمد ولد جدو

من مظاهر الواقع المقلق في المجال الموريتانيّ العامّ غيابُ السينما وصالاتِها وزخمِها ونقاشاتِها. فالمواطن الموريتانيّ، بكلّ تصنيفاته، ليس في مخطَّطاته الترفيهيّة أو الثقافيّة اليوميّة الذهابُ إلى صالة السينما، أو مشاهدةُ فيلم من إنتاج بلده، وذلك لانعدام الصالات السينمائية في الدولة أصلًا. والمفارقة العجيبة أنّ الوضع في بدايات تأسيس الدولة كان أفضلَ في هذه الناحية من الوضع الآن.

رحلة السينما في موريتانيا

كان أوّل غزَلٍ تقوم به الصورةُ السينمائيّةُ لوجدان الإنسان الموريتانيّ في خمسينيّات القرن المنصرم، وكان غزَلًا فرنسيًّا استعماريًّا، وذلك من خلال بعثات فرنسيّة سيّرتْ سيّاراتٍ تحمل شاشاتِ عرضٍ، لتَعرض الأفلامَ على السكّان، الذين سمّوها “سيّارات العفاريت”!

ثمّ ظهرتْ دُور العرض الأولى في موريتانيا على يد الفرنسيّ غوميز. وحين حصلتْ موريتانيا على استقلالها عن فرنسا، بدأ الجيلُ الذي حكم البلادَ بمحاولة دعم السينما، وبدأ ظهور دُور عرضٍ موريتانيّةٍ يمتلكها موريتانيون. وكان عرّاب ذلك التلاحم مع السينما هو الفنّان همام فال، الذي أسّس العديدَ من دُور السينما، واشترى دُورَ غوميز؛ وتمّ ذلك بمساعدةٍ وإيعازٍ من الرئيس الموريتانيّ آنذاك، المختار ولد داداه.

هذا وقد ساهم همّام، عبر أول دار عرضٍ وطنيّة في العاصمة نواكشوط، “دار المُنى،” وعبر دُورٍ غيرها، في تطبيع علاقة الإنسان الموريتانيّ بالصورة السينمائيّة. فقد كان يستورد الأفلامَ العربيّةَ والأجنبيّة، ويقدّمها إلى المتفرِّج الموريتانيّ. فكانت النتيجة أن وصلتْ دُور العرض الموريتانية في السبعينيّات إلى أربع عشرة.

بعد تلك المحاولات الأولى بدأتْ صناعةُ الصورة السينمائيّة الموريتانيّة، وكانت عن طريق همام فال أيضًا. فقد تعاون مع أوّل متخصّص في التصوير السينمائيّ في موريتانيا، وهو المخرج الراحل محمد السالك، العائد ساعتها من ألمانيا،على إنتاج أفلام عن البلد وواقعه، أهمُّها: “ترجيت” و”ميمونة” و”بدويّ في الحضر.” هذه المحاولاتُ اجتذبت اهتمامَ المواطن الموريتانيّ، حتى إنّ الرئيس ولد داداه وزوجتَه مريم داداه كانا يحضرانها في سينما المنى. ويومها أيضًا تجسّد الدعمُ الحكوميّ للسينما في “المؤسّسة الموريتانيّة للسينما،” التي راحت تعمل على ترقية السينما في البلاد ونشر ثقافة الفرجة، وتُعتبر مريم داداه صاحبة فكرتها.

كانت تلك هي البدايةَ التي جعلت السينما جزءًا من حياة العاصمة نواكشوط. إذ أصبحت الأُسر الموريتانيّة تذهب للاستمتاع بسحر السينما بشكلٍ دوريّ، وظهرتْ بوادرُ حالة مدنيّة في الدولة الوليدة.

لكنّ تلك الحال لم تدم طويلًا. فقد حصلتْ في موريتانيا عدّةُ متغيّرات أربكت المشهدَ العامّ، مثل الجفاف الذي ضرب البلادَ في سبعينيّات القرن المنصرم، وتسبّب في ترييف العاصمة بسبب الهجرات نحوها من سكّان الريف والبوادي بحثًا عن ملاذ. يضاف إلى ذلك دخولُ الدولة في حرب الصحراء، فضلًا عن سلسلةٍ من الانقلابات العسكريّة التي بدأتْ سنة 1978: فأطيح نظامُ المختار ولد داداه، ووَضع الجيشُ يدَه على الحكم والدولة.

هكذا تغيّرت الأولويّات، وضمر الاهتمامُ الرسميّ بالشأن الثقافيّ. فالعسكر كانت لهم أولويّاتٌ أخرى، لم يكن من ضمنها،على ما يبدو، العملُ على وعي الشعب. وسبّب غيابُ الدعم الرسميّ للسينما قيامَ ملّاك الدُّور باستيراد بعض الأفلام الرخيصة من بعض الدول المجاورة حتى يعوّضوا من تكاليفهم الماليّة. لكنّ تلك الموجة أدّت إلى هجران المواطنين للسينما، ووصمِها بالابتذال. فرجعتْ غريبةً كما بدأتْ، شيئًا ذا صبغةٍ شيطانيّة، لتختفي الدُّورُ من الفضاء الموريتانيّ. وفي مقابلة أجرتها صحيفةُ الأخبار الموريتانيّة مع المخرج عبد الرحمن محمد سالم، سرد بعضًا من حكاية التحوّل تلك، فقال:(1)

“لكنّ السينما سرعان ما تخلّت عنها الدولة، وتخلّت عن جانب التنمية وجانب الرعاية. وبدأتْ دُورُ العرض تَعرض أفلامًا رخيصةً، لعامليْن أساسييْن. أوّلًا، لا تكلّف الكثيرَ بالنسبة للموزِّعين، إلّا أنّها مرغوبٌ فيها من طرف شريحةٍ كبيرةٍ من الشباب. فبدأتْ تتدنّى مستوياتُ هذه الأفلام، لدرجة أنّنا وصلنا في مرحلة معيّنة إلى أنّه لا يمكن أن تزور قاعةَ عرضٍ إلّا وتجد 90% من الأفلام المعروضة أفلامًا جنسيّةً خليعة… العامل الثاني هو تخلّي الدولة عن دوْرها حين قرّرتْ أن تسمّي المشْرفين على السينما ‘لجنة مراقبة الأفلام’ بدل أن تسمّيها ‘لجنة ترقية السينما’. فكانت هذه اللجنة مكوّنةً من ضابط شرطة، ومسؤول الهياكل،(2) والحاكم، وأناسٍ بعيدين كلَّ البعد عن الفنّ والسينما.”

صنّاعُ الإبداع في الأرض الطاردة

تُعتبر السينما الموريتانيّة سينما التجارب الذاتيّة غير المترابطة، والخارجة عن الطوق المؤسّسيّ. وعبر تاريخها، ظهر مخرجون صنعوا أفلامًا غلبتْ عليها تيمةُ البحث في الهويّة وقضايا الهجرة،(3) وميّز أصحابَها الابتعادُ عن الوطن والهجرةُ إلى المنافي. وقد برزتْ أفلامٌ موريتانيّةٌ عديدة، خطفتْ أنظارَ الغير، من دون أن تحظى بفرصة العرض السينمائيّ في بلدِ صانعها.

من هذه الأفلام فيلمُ محمد هندو، “جولة في المنابع” (1967)، الذي يعالج إشكاليّةَ العودة إلى الوطن بعد سنوات الجفاء والهجرة؛ إضافة إلى فيلم “أيّتها الشمس” (1969) الذي يتناول قضيّة العبوديّة وارتباطها بالاستعمار. وهندو هاجر من موريتانيا إلى فرنسا بشكل غير شرعيّ، ودرس السينما هناك، وختم مشوارَه بالعمل مدبلجًا باللغة الفرنسيّة للممثّل الأمريكيّ أدي ميرفي.

ومن الأفلام الموريتانيّة التي تركتْ بصمتَها فيلم “الجنسيّات المهاجرة” (1975) للمخرج سيدني سوخنا، الذي فاز سنة 1977 بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان فيسباكو. أمّا المخرج عبد الرحمن سيساقو فهو من أبرز الأسماء التي وضعت السينما الموريتانيّة على الخارطة العالميّة، ومن أبرز أفلامه: “في انتظار السعادة” (2002) الذي فاز بالجائزة الأولى في مهرجان فيسباكو البوركينابي، وحصد جائزةَ مهرجان وغادودغو، أحدِ أهمِّ المهرجانات السينمائيّة في القارة الإفريقيّة. والفيلم عبارة عن سردٍ لسيرة مُخرجه الذاتيّة. أمّا آخر أفلامه، “تمبكتو،” فقد اتُّهم بالترويج للرؤية الفرنسيّة في حربها في شمال مالي، لكنّه يُعتبر من أبرز نجاحات السينما الموريتانيّة، إذ حصد سنة 2015 جائزةَ سيزار لأفضل فيلم، وحصل مخرجُه على جائزة سيزار لأفضل مخرج، ثم وصل إلى القائمة القصيرة لأوسكار أفضل فيلم أجنبيّ. والفيلم يتحدّث عن فترة سيطرة الجماعات المتطرّفة على مدينة تمبكتو العريقة، وحياة سكّانها في ظلّ حكمهم.

هل من أفق؟

على الرغم من نجاحات بعض المخرجين الشخصيّة، فإنّ صناعة الأفلام السينمائيّة الموريتانيّة لا تزال ترواح مكانَها منذ زمنٍ طويل، بل هي تعيش تقهقرًا يوميًّا. فالإنتاج نادر، والدُّور معدومة، رغم محاولات البعث التي يقوم بها بعضُ المهتمّين. ومن أبرز تلك المحاولات تجربةُ “دار السينمائيين،” التي أسّستْها مجموعةٌ من الشباب الموريتانيّ في بداية القرن الحاليّ، وهم يحاولون تقديمَ عروض في العاصمة وبقيّة المدن، وتكوينَ مبدعين في عالم الصورة السينمائيّة.

استطاعت الدارُ جذبَ الكثير من أصحاب الطموح السينمائيّ. وتحاول أيضًا ردمَ فجوة غياب معاهد مختصّة في عالم الفنّ السابع في موريتانيا، وهو ما يُعد خللًا بنيويًّا في صناعة السينما. وقد أطلقت الدارُ قبل سنوات مهرجانًا سينمائيًّا يسمّى اليوم “مهرجان نواكشوط للفيلم القصير.” ويعرض هذا المهرجان أفلامًا من كلّ بقاع الأرض، ومن موريتانيا أيضًا، وكانت السعوديّة ضيفة شرف آخر نسخةٍ منه، النسخة الحادية عشرة. وقد قدّم ورشًا تكوينيّةً حول مجالات صناعة السينما، يشرف عليها مختصّون عرب وغربيّون، ويعطي جوائز في شتّى ملامح الإبداع السينمائيّ. وهذه محاولة جديدة لخلق نوع من الصلح بين المواطن الموريتانيّ والصورة السينمائيّة.

لكنّ هذه المحاولة،على الرغم من مرور عقد عليها، لا تزال وكأنّها في المراحل البدائيّة. صحيح أنّ الجمهور يَحْضر، ويَحْضر بشغف، لكنّ الإنتاجات المحلّيّة المقدّمة (مع بعض الاستثناءات) فقيرةُ الصورة والنصوص والأفكار. ويلاحَظ أيضًا حرقٌ للمراحل، واستعجالٌ، لدى الهواة الموريتانيين، قبل أن يصقلوا مواهبَهم. لكنّ هذا المهرجان يظلّ محاولةً لخلق الفرجة والتلاقي بين المهتمّين بعالم الفنّ السابع.

ومؤخّرًا برزتْ أفلامٌ قصيرة نجح بعضُها في جذب الاهتمام، مثل فيلم “طريق الأمل” للمخرج محمد ولد اشكون، وفيلم “السَّلَفيّ”(4) للمخرج سيدي محمد ولد الشيقر الذي ناقش التطرّفَ الدينيّ بين الشباب. وقد أثار الفيلم الأخير الكثيرَ من الجدل، واتهمه البعضُ بتشويه المحظرة (المدرسة الدينيّة التقليديّة في موريتانيا).

تبقى التجارب التي تجري الآن ذاتيّةً وفرديّةً، أو مجتمعية بسيطة. وهو ما يجعل تأثيرُها محدودًا، على الأقلّ في الأفق القريب. كلُّ ذلك والمؤسّسةُ الرسميّةُ ما تزال تواصل تهميشَ السينما والقطاع الخاصّ كذلك. لكنّ العوائق المؤسّسيّة والبنيويّة ليست وحدها ما قد يعوّق بعثَ الروح في السينما والإبداع في موريتانيا بشكلٍ عامّ، بل هناك أيضًا حالة مقلقة من موجات المحافظة التي تجتاح المجالَ الموريتانيّ.

نواكشوط

1- http://arc.alakhbar.info/4461-0–FA00CFFAB–F5C-C0C-C-.html

2- http://www.ami.mr/Depeche-16752.html

3- http://doc.aljazeera.net/followup/2009/11/2009111091754596433.html

4- http://raseef22.com/politics/2015/08/03/the-debate-about-religion-affecting-terrorism-enters-the-art-field/


ما ذا تنتظرون؟

 نشر هذا المقال في موقع  الوكالة الموريتانية للصحافة بلغني وأنا -لأول مرة- خارج السور الجميل الذي جمع محبي المديح وجمهور لياليه، وعائلة تران...