السبت، 22 أغسطس 2015

كنت أما وأختا وصابره

من بين التقاليد الجميلة والرائعة والكثيرة لقريتي الحالمة "معط مولانا" يوجد تقليد خاص، فحين ينظم اجتماع أحياء القرية لتدارس أمور تسيير الشأن العام، تقدم فقرة من بين فقرات الاجتماع، وهي عبارة عن "شخصية الحي" اذ يختار ابناء الحي شخصا انتقل الي رحمة الله ودفن في القرية، وتقدم عنه ورقة تعريفية..
مع مرور الأيام تتشكل ذاكرة القرية وتكتب وتورث للأجيال اللاحقة..
في هذا الأسبوع تم اختيار والدتي المرحومة فاطمة بنت حمود لتكون شخصية الحي الرابع "حس الصدق" حيث يقع بيت العائلة، وبشيء من الارتجال والعفوية كتبت هذه الورقة عن المغفور لها بإذن الله، الصادقة العفيفة الولية الصالحة، والدتي فاطمة بنت حمود تغمدها الله برحمته الواسعة.
 


قرية معط مولانا
الاجتماع الأسبوعي للأحياء
23 أغشت 2015

حي الصـــــــدق - شخصية الحي:

فاطمة بنت الفائق ولد حمود، رحمها الله تعالى


ولدت المرحومة فاطمة بنت الفائق ولد حمود الآبييري العلوي سنة 1942 م ، وقد تربت في كنف والدين ورعين صادقين حنونين، سقياها من معين العلم، وزرعا فيها كل خصالهما النبيلة، فكان الوالد رحمه الله يدرسها القرآن والعلوم الشرعية والآداب العربية وهي في ريعان الطفولة، وقد خصها رحمهما الله تعالي بالمساهمة معه في كتابة جزء من المصحف الذي كتبه بيمينه الطاهرة.

ترعرعت في أحضان أبيها الكريم العالم الورع الفائق ولد حمود ، وأمها الصالحة التقية النقية خديجة بنت محمد ولد أحا، فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها ابن عمها ووالد أبنائها المغفور له أحمد سالم ولد دود ولد لاهي.

انتقلت عائلتها في بداية السبعينيات الي قرية معط مولانا، ومنذ ذلك  الحين تعلقت روحها بتلك الأرض الطاهرة وباتت تحن إلي لحظة الهجرة شوقا منها إلي تلك الربوع والهجرة إلي الله والرسول، والمقام بين روابي ارض الفيضة المحمدية التجانية الابراهيمية.
وكان لها ما أرادت كما في كل مرة.

رحلت إلي معط مولانا وبرجلها اليمني الطاهرة خطت مربعا لأول بيت لها سيصبح فيما بعد منزل العائلة الآن.
وكما ربتها عائلتها فقد ربت بدورها أبنائها وأبناء وإخوة لها لم تلدهم أمها.. زرعت فيهم نفس الخصال ونفس الحب لهذه الأرض وأهل هذه الأرض، تقول لمات بنت ديدي في رثاء المرحومة:

إلي رحمة المولي رحيلك فاطمه         
فقد كنت أما وأختا وصابره

دخلت المرحومة فاطمة بنت حمود إلي معط مولانا من بابه الكبير، فأخذت الطريقة التجانية علي سيدي الحاج المشري، وداومت علي حضور مجالس الذكر وحلقات التدريس، وفي (منزل آهل النعمة) حاليا، سلكت الحقائق في وقت وجيز وبطمأنينة ووقار.

خدمت المرحومة مصالح القرية من موقعها، فقد كانت مربية أجيال، وسفيرة لمعط مولانا، وخديمة للشيخ إبراهيم.

عملت بيديها الطاهرتين في الأعمال النسوية وأسهمت في إنشاء متجر الخدمة الذي أسسته بعض أمهات المؤمنين بمعط مولانا، ولها به رصيد لا يزال جاري، خدمة للشيخ إلي يومنا هذا.

لم تثني المشاغل أبدا ولا الظروف الصحية، المرحومة، عن صلة الرحم وإصلاح ذات البين وعيادة المريض والإيثار علي النفس. ولم تشغلها الدنيا أبدا عن بر الوالدين وطاعة الزوج وتربية الأبناء ومواساة المحتاجين.

لم تأذي جارا أبدا، ولم ترفع صوتها ولو علي ظالم، ولم تكسر خاطر طامع، ولم تبيت نية سيئة لأحد، يقول أحمدو ولد أماه:

سقي الغـــــادي بمعط مـولانا            
قبرا ثوت فيه المكارم والمعالي
حــــوي أما محافظة دوامــــا             
علي شرع المهيمن باعتــــدال
حوي فضلا وتزكية وحلـما               
وجودا في النوائب بالنــــوالي

كانت المرحومة أواخر أيام حياتها وهي تغالب المرض، مصرة علي سفر طويل وشاق قادها إلي أرحامها في عدة قري، وكأنها تريد إلقاء تحية الوداع.

عادت إلي معط مولانا وفي نفسها حلم يكبر ويصير يوما بعد يوم أكثر إلحاحا واستعجالا، حلم خطت ملامحه حين وطأت قدماها الطاهرتين ارض معط مولانا، وهو أن تبني لأبنائها بيتا قبل آن ترحل إلي بيتها في الجنة,

كانت اللحظات الأخيرة قاسية علي الأسرة وعلي المعيد والزائر، لكنها كانت سهلة ولذيذة بالنسبة لها، فهي لا تريد لأصوات العمال أن تتوقف مهما بلغت من الإزعاج، قبل اكتمال بيت معط مولانا.

اكتمل البيت واكتملت المهمة ونادي الرفيق الأعلى، ابتسمت ثلاث مرات في الدقائق الثلاث الأخيرة من حياتها ولبت النداء وأسلمت الروح لباريها،  تقول لمات بنت ديدي:

فعوضك المولي من الأهل هاهــنا       
نعيما مقيما في الجنان والآخــرة
وعوضنا السلوان والصبر والتقى       
ولا ذهب اللذْ كانت الأخت فاعله

هكذا كانت دعوة الأخت لمات بنت ديدي، كباقي دعوات كل شخص عرفها أو سمع عنها، يقول احمدو ولد أماه:
وكل الناس من حولي شهـود             
وهذا البيت أبلغ من مقــالي
ولو كان النساء كمن فقدنا                 
لفضلت النساء علي الرجال

أرادت إن يبقي منزلها شاهدا علي تعلقها بهذه الأرض الطاهرة، أرادته أيضا أن يستقبل سيدي الحاج المشري بعد أن يواري جثمانها بين اضرحة الصالحين في مقبرة معط مولانا، ليقدم التعازي لأبنائه وأبنائها.

جلس سيدي الحاج في بيت المرحومة بين إخوتها وأبنائها وجيرانها وأحبائها ليشهد لها ببلوغ مرتبة الإحسان، وتوفيقها في الرحيل عن والدتها وزوجها وقد استوفت برهما وخدمتهما، وكان ذلك يوم 15 من شهر يونيو 2007 الموافق لـ 29 جمادي الثاني 1428 هجرية.

مضت ثمانية أعوام علي ذلك الحدث الذي وصفه المختار ولد ببكر في مرثيته:

النضج الخلاق الزينين                    
انصابو ذلعام امسـاكين
ونصابت لمروه والـــدين                 
اخلعن ذي التـــــــــوال
عاكب (منت تتاه) أبيــين                 
عن ذ يخلك وابذي الحال
واحمدن للحي المتــين                     
تــــبارك وتـــــــــــعال
والا لكانو بالثـــــبات                      
عادو لعـــــــليات ابحال
كيفتها لاهي لعليات            
تكبظ فضليت الرجال



تغمدها الله برحمته وأسكنها فسيح جناته.

الثلاثاء، 21 يوليو 2015

زوجتي الغالية ... عيد ميلاد سعيد

تنبيه في غير محله: اعرف ان ما ساكتب قد يبدو للبعض غير (متروش) وغير (مترزكي) وغير (مديمن) وربما غير (طايب).
لكن عزائي أني أراه (سنة نبوية) و (سلوكا انسانيا) و (مفصول فيه) وربما (متنسوي).
اليوم 9 سبتمبر يصادف عيد ميلاد جوهرتين من جواهر حياتي : زوجتي الحبيبةToutou Sidatyوابنتي العزيزة، مة.
Mettou Lahyوحين اكتب بشكل علني هذه التهنئة فلاني اريد:
- ان اشرك معي المتزوجين المغرمين من امثالي
- واشرك الاباء (المدردمين) من امثالي
- ولاقول كلمة حق لايراد بها باطل لكل الزوجات في العالم
- ولاقدم دعوة الي الرجال الاسوياء للكف عن المونولوجات، وللتحدث عن زوجاتهم بصوت عالي.
ابنتي العزيزة كل عام وانت بالف خير ومحبة وصحة. كل عام وابواك يحبانك، واخواتك تحبانك. كل عام وانت من نجاح لنجاح ومن تفوق لتفوق ومن استكشاف لقدراتك الفنية والابداعية الي اكثر وأهم وأجود.
احبك بروحي وبقلبي وبجوارحي. احبك لانك ابنتي واحبك لانك سمية صديقتي. واحبك لانك ابنة اغلي واعز زوجة.
زوجتي الحبيبة.
اليوم تمر ذكري عيد ميلادك، وبعد اربعة ايام ستمر ذكري زواجنا.
كلها تواريخ واحداث بالنسبة لي غيرت الحياة ونسق الحياة.
غيرتها حين ولدت انت ودخلت هذا الوجود حاملة له شعلة وشحنة من الخير والبركة والحفظ والسكينة.
غيرتها حين اصبحت امرأة بكل مقاييس الانوثة والنسوية.
غيرتها حين فتحت قلبك الرائع والطيب ذات مساء من خريف في تسعينات القرن الماضي بحي (البصرة) لزائر جائك علي غير موعد.
غيرتها حين قبلت بل وناضلت من اجل ترقية ذلك الزائر الي مرتبة زوج.
نعم. واصبحت أنا/الزائر اسعد زوج يدب علي وجه الارض، افترش حبك حيثما حللت واستظل به اينما رحلت.
زوجتي الحبيبة في عيد ميلادك اريد ان اشكر الها حبا البشرية بك، وخصني بحبك من بين كل مخلوقاته.
في عيد ميلادك اريد ان اقدم لك شكري علي اكبر هدية قدمت لي. واكبر هدية تقدمها امرأة لرجل. قلبك.
شكرا لك لانك اأتمنتني عليه، وشكرا لك لانك احتكرته من اجلي.
حبيبتي وزوجتي. ايها الظل الظليل الوارف
شكرا لك لانك كنت لي الامان، وكنت لي الحضن وكنت لي الحصن.
شكرا لك لانك تحملت هذيان فنان في صحراء قاحلة لارجع لصدي الصوت فيها. آمنت به كانسان وكحلم وكحقيقة.
شكرا لك لانك كنت لي صديقا حين يشتد الهم بالاصدقاء ويبتعدون.
لانك كنت رفيقا. حين يستعجل الركب عني
لانك كنت اخا حين يسافر الاخوة
لانك كنت اما وابا حين طو
لانك كنت حبيبة دائمة وزوجة حاضرة
معشوقتي ومعبودتي
باسمي كزوج اقدم من خلالك الي كل الزوجات الرائعات في هذا الوجود اسمي التحايا في كل يوم. فكل يوم من حياتكن هو عيد. وكل يوم من حياتكن هو هبة لنا نحن الرجال.
كل يوم نتذكركن حتي ولو بلغت منا المشاغل مبلغا ينسينا في ان ننحي لكن كل صباح ونقدم لكن اروع سمفونيات الحب والاعتراف بالجميل.
كل يوم نتذكركن، حتي ولو حالت المسافات بيننا ومنعتنتا من ان نقبلكن علي الجبين ونربت علي اكتافكن.
كل يوم نتذكركن
ونحترمكن
ونعزكن
ونفخر بكن
ونحتمي بكن
زوجتي وحبيبتي وصديقتي
فلتبقي كل ايامك عيد
وكل لحظاتك مسرات
وكل تعابيرك ابتسامات
فانتي الحياة
زوجك وحبيبك عبد الرحمن
مع حب لايخصع لاي وحدة وزن او وحدة قياس
ي الثري محياهما الجميل

قبل وصول الأوان

هل سيشفع لنا غذا غباؤنا... حين ندرك وقد فات الاوان اننا كنا فعلا أمة قابلة للعيش بسلام ورغد... وان مشكلتنا لم تكن يوما في مصدر العيش... وانما كانت فقط في تسيير المصدر... هل يمكن ان نبكي الان... فقد يطول البكاء غذا ولا يكفي الزمن المتبقي لحرقة في الفؤاد...

الانتظار

لنا ما بين هذين البحرين مساحة...
نسكنها حينا .. وتسكننا حين لاتكون متاحة..
نمددها ونقلصها حسب اهوائنا المرتاحة
***
فتارة نراها كبيرة تسعنا وتسع عابر السبيل
فياحة.. مدرارا.. حنونا اطراف النهار واناء الليل
***
وتارة نظنها كف شيطان
لا تضاريس فيها ولازمان
لاتسع حتي نبتة رمان
***
وفي الافق البعيد... البعيد
تشرإب اعناقنا .. لمدد مديد
يأتي به المنقذ والبطل الصنديد
راكب الامواج.. في الليل العتيد
ونحن جالسون في انتظار ساعي البريد
***
وفجأة ... نستفيق دون سابق انذار
لنري كم هي كبيرة اطلالنا والديار
وكم هو قريب المدد المدرار
والخبز والصونبر والفشار
والمعول والمضرب والمنشار
والنساء والرجال الابرار
ونتسائل ... كيف كنا اغبياء... ونحتار
من قال لنا اننا صغار
وان لا بحر لنا ولا خيار
***
وقبل ان نصل للنتيجة او القرار
تتلاطم امواج البحرين كالبركان الفوار
لا وقت لدينا.. لا فرصة .. لا خيار
البحر اليابس من امامنا في الانتظار
والرمل الهائج من خلفنا في الانتظار
وساعي البردي لم يصل... ذاك النهار
وعلينا الانهيار او الانتظار

الاثنين، 8 يونيو 2015

رسالة من حفيدتي

جدي العزيز عبد الرحمن لاهي
لا ادري أين أنت الآن.. هل أنت حي .. هل أنت ميت.. لكني متأكدة أن رسالتي ستصلك عن طريق "شرطة جمهوية الفيس".. نحن الآن في أجواء الحملة الانتخابية الرئاسية، 47 مترشحا.. لا اعرف من أسمائهم إلا ثلاثة من أحفاد نفس المرشحين الذين كان والدي يحدثني عنهم نهاية سنة 2086..
ميدي ولد سيدي ولد محمد ولد عزيز
محمدن ولد محمذن ولد بيجل ول هميد
ماماود امادو ممادي ابراهيما صار
نحن الآن نستخدم المنطاد للذهاب للعمل.. شيء جميل.. فقد حولوا الشوارع إلي مقرات للحملات... كل مائة خيمة بها رجل وامرأتان..
شارع عبد الناصر مثلا يذكرني الآن بالمخيمات الصحراوية في القرن الماضي
طبعا شارع الاستقلال تحول إلي "مول الاستقلال" كلها متاجر كبيرة جدا وجميلة جدا .. وكل منا أصبح يشتري من متجره.. الكل يمتلك متجره الخاص.. الحياة الآن رائعة.. لا احد يشتري من احد..
القنوات التلفزيونية وحدت البث .. فوزارة الاتصال والعلاقات مع الشيوخ أصبحت توفر المادة الإعلامية لكل القنوات.. نتوقع نسبة مشاركة ستصل إلي 99 بالمائة فسكان موريتانيا الآن كما تعلم لا يتجاوزون 250 ألف نسمة.. اللهم إلا إذا شارك الموريتانيون في المنفي. فستصل النسبة الي 792 بالمائة.
عذرا.. منطادي وصل.. سأكتب لك لاحقا .. باي أيها الجد المختفي

حفيدتك ميمانيناتيتي 
القطاع الشمالي / نواكشوط، في 35 مارس 3014 ميلاجرية

عرين المختار السالم

تجمعني بالرائع المختار السالم اشياء كثيرة لاتسع الدواوين لحملها,,, فهي تمتد علي مساحة تبدأ من التسكع في شوارع الكية، وشوارع روصو، مرورا بتقاسم تجربة صاحبة الجلالة في موريتانيا الي وله بالكلمة العذبة لانتساوي في قسطنا منه.. لان حصة الاسد ظلت دائما في عرينه.


http://elmohit.net/news/17504-q-q---.html

ما ذا تنتظرون؟

 نشر هذا المقال في موقع  الوكالة الموريتانية للصحافة بلغني وأنا -لأول مرة- خارج السور الجميل الذي جمع محبي المديح وجمهور لياليه، وعائلة تران...